لو سألتك عن أسعد فترات حياتك فبماذا تجيب؟
ولو وجهنا هذا السؤال لألف إنسان هل يتفقون على فترة عمرية معينة كانوا فيها أكثر سعادة من غيرها؟
*******
في ألمانيا أجرت باحثة اجتماعية تدعى ليا نيكولاس استطلاعا للرأي لمعرفة أي المراحل العمرية تعد الأكثر سعادة في حياة الإنسان.. وبعد تقييم الأجوبة اتضح أن فترة الخطوبة والسنة الأولى بعد الزواج تأتي كأسعد فترة في حياة الإنسان.. رغم أن استطلاعها شمل أشخاصا تجاوزا الخمسين من العمر.. أما في المرتبة الثانية فأتت سنوات الشباب قبل المرحلة الجامعية - يليها في المركز الثالث مرحلة الاستقرار المادي والوظيفي بين سن الأربعين والخمسين
*******
في المقابل اتضح أن أكثر الفترات تعاسة - وخطورة على أي زوجين - تأتي بعد عشر سنوات من الزواج.. ففي هذه الفترة يعاني الوالدين من ضغوط العمل وغموض المستقبل - ناهيك عن وجود طفل أو طفلين في سن تتطلب الاهتمام الدائم.. وفي هذه المرحلة يغلب الشجار والاختلاف على الأمور المالية ورعاية الأطفال - وبالتالي ارتفاع معدلات الطلاق في هذه الفترة بالذات.. غير أن الدخول في السنة السادسة عشرة بعد الزواج يعني استقرار الحياة الزوجية وبلوغ الأطفال سناً يمكنهم الاعتماد فيه على انفسهم - كما يرتفع الدخل المادي للوالدين ويصبح مستقبلهما أكثر وضوحاً وسلاسة
وهذه النتيجة تعتمد - كما هو واضح - على متوسط عام وغالب سائد لا يرتبط بالضرورة بالحالات الفردية الخاصة.. حيث يمكن للسنة الأولى من الزواج أن تكون جحيما لايطاق بالنسبة لفتاة مجبرة على الزواج؛ وبناء عليه أرى أن الأكثر دقة هو البحث عن العوامل أو العناصر التي من شأنها رفع نسبة السعادة لدى معظم الناس.. فمشاعرنا الخاصة قد تتفاوت خلال اليوم نفسه بين السعادة والحزن وبلادة الإحساس.. والبشر بوجه عام.. وبصرف النظر عن المرحلة العمرية.. يسعدون بالتملك والربح والاضافة والتميز، ويحزنون للخسارة والنقص والعجز والحرمان.. فنحن نسعد مثلا عند شراء سيارة جديدة أو تملك بيت جميل أو اضافة فرد جديد للعائلة؛ وفي المقابل نحزن عند خسارة نفس السيارة أو البيت أو وفاة فرد من العائلة.. وحين نتأمل أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم حول أسباب السعادة الدنيوية نجدها لا تخرج عن دائرة التملك والاضافة مثل قوله: سعادة ابن آدم ثلاث، وشقاوة ابن آدم ثلاث، فمن سعادة ابن آدم: الزوجة الصالحة، والمركب الصالح، والمسكن الواسع، وشقوة لابن آدم ثلاث: المسكن السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء
*******
وسعادتنا بالامتلاك والاستحواذ تفسر ارتباط المال بالسعادة لدى معظم الناس؛ فتوفر المال يعني قدرتنا على اقتناء ممتلكات ومزايا تشعرنا - بين الحين والآخر - بالفرح والسعادة.. غير أن التملك بطبيعته حالة مؤقتة وبالتالي قد ينتهي شعورنا بالسعادة بمجرد انتهائنا من امتلاك المسبب لها - ننتقل بعدها للتفكير في امتلاك شيء جديد.. وهذه الحقيقة بالذات هي ما يجعل البعض يدمنون على الشراء ونزول الأسواق - ليس بسبب حاجتهم للسلعة ذاتها - بل لأنها تزيد من جرعة السعادة المؤقتة لديهم.. الأمر الذي ينتهي بهم لشراء منتجات مكررة بحجج واهية تتعلق بتغير الموضة والماركات... وبالتأكيد... ضرورة تطابق الألوان